لن أذكر لك أضرار العادة السرية ومشاكلها على المدى القريب والبعيد، فأنت تعلم جيدا كل ما يتعلق بها، ولكني أشعر بصدقك وبرغبتك الحقيقية في الخلاص من أسرها ومن الشعور السيئ الكئيب الذي يتبع القيام بها.
ولكن دعنا بداية نتكلم عن العادة.. أي عادة..
إن أي سلوك سيء نفعله تحت ضغط دافع ما، سواءً كان الدافع مجرد التجربة أو حب استطلاع أو غيره، وأصبح هذا السلوك عادة فيمكننا دائما تغييره والخلاص منه، فهو في النهاية -مهما كان سيئا- مجرد عادة، وإرادتنا الصادقة وحدها قادرة على تخليصنا من أعتى العادات السيئة وأكثرها تغلغلا في أعماقنا، وأنت -الحمد لله- تملك هذه الإرادة، وما ينقصك فقط نظام عملي تداوم عليه حتى ينجيك الله، والأمر بسيط ولكن يحتاج إلى صبر ومداومة لفترة معقولة، فاستعن بالله وخذ قرارك، واعقد العزم على أنك ستبدأ ولن تنتهي إلى أن تتعافي تماما.
تقوم الخطة على أن تحاصر هذا السلوك من كل اتجاه ولا تترك له الفرصة لأن يصل إليك حتى تتعود على أن تنساه وتنشغل عنه، ثم تلغيه أساسا من تفكيرك.
أول أشكال الحصار هو أن تفكر دائما في الإحساس السيئ الذي ينتابك بعد القيام بها؛ وكلما خطرت على بالك فكر في اللحظة والشعور السيئ الذي يتبعها.
· حاول بكل قوتك أن تتجنب مقدماتها والمثيرات التي تحفزك لمجرد التفكير فيه.
· تجنب قدر استطاعتك البقاء وحدك.. انشغل بأهلك أو أصدقائك، ولا تترك نفسك أبدا لأحلام اليقظة، فإذا انتابتك أيقظ نفسك بسرعة، وقم بأي شيء تحبه يمكن أن يشغل ذهنك، اقرأ مجلة أو قصة، انزل إلى الشارع وتمشَّ قليلا..
· اجتهد في المداومة على رياضة شاقة مثل رفع الحديد أو الجري؛ فإنها ستحسن من صحتك وتقوي جسمك وتمنحك الشعور بالرضا والثقة، وتستنفد طاقتك، فكمية الطاقة لدى كل منا محددة الكمية، والذكي هو من يستطيع أن يفرغها في ممارسة أنشطة تفيده وتسعده ولا يبقي منها شيئا لما يشقيه.
· ألزم نفسك بورد قرآني تقرأه قبل النوم يوميا، وقد قرأت تجربة غريبة لشاب تعافى من هذه العادة، قال فيها إن الذي ساعده ونجاه منها "سورة الواقعة"، فقد قرأ أن الذي يقرأها من ليلته يغنيه الله، وكانت الأمور المادية تشكل عنده مشكلة كبيرة، فحفظها وقرر أن يتلوها كل ليلة قبل أن يخلد إلى النوم، ويكررها، فيغشاه النوم وهو يقولها، والجميل أنه لم يتعاف منها فقط؛ ولكن الله صدق وعده ورزقه رزقا واسعا ووجد عملا مجزيا جدا أغناه بأكثر مما يرجو.
· ثق في نفسك وفي قدرتك، فهذا السلوك السيئ لم يهبط عليك من السماء، ولم يزرع في جسدك كالجراثيم، بل هو مجرد عادة سلبية درجت عليها نفسك حتى تأصلت فيها، وأنت الآن تمسك بزمام هذه النفس وتخضعها لسلطتك الكاملة، وتملي عليها قراراتك بكل حرية.
· كن صبورا وعامل نفسك برفق وذكاء وتذكر أن الله سبحانه وتعالى لم ولن يغلق باب التوبة أبدا فداوم على التوبة والاستغفار واستعن بالله بالدعاء وبصلاة الحاجة في جوف الليل كلما استطعت ففيها سر لا يعلمه إلا الله.
أسأل الله أن ينعم عليك بفضله ويقوي نفسك ويبدل سيئاتك حسنات ويرزقك الهمة العالية والنية الخالصة آمين،