تمرُّ القضية الفلسطينية في هذه المرحلة بمنعطفٍ خطيرٍ، تتعرض فيه لتحديات شرسة وضارية، تستهدف هويتها ومقوماتها، بل ووجودها، وقد جاء خطاب نتنياهو في جامعة بار إيلان؛ لكي يضع الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية وحكامها وزعماءها على المحك، فالقدس يريدها عاصمةً أبديةً للعدو الصهيوني(!)، ولا حقَّ لعودة اللاجئين(!)، ولا بد من الاعتراف بيهودية الدولة(!)، وما يترتب على ذلك من طرد عرب 48، ولا حديثَ عن الحدود أو الجدار العازل العنصري- إلى آخر هذا الهُراء-، وكل ما أشار إليه هو السماح للفلسطينيين ببلديات- مجرد جزر منعزلة- منزوعة السلاح، وتحت السيطرة الكاملة للعدو الصهيوني، مع مطالبة الدول العربية بالتطبيع الكامل معه.
وفي هذا السياق من الضروري التذكير بما يلي:
أولاً: أن المواقف الأوروبية والأمريكية؛ لا تفتأ تذكِّر العالم بمعاناة اليهود في المحرقة النازية في أوروبا، في الوقت الذي تشير بخجل لمعاناة الفلسطينيين، وتغض الطرف تمامًا عن المجازر الوحشية وعمليات التطهير والإبادة التي تجري في حقهم على يد الصهاينة المحتلين.. هذه النظرة تُشكِّل انحيازًا أعمى للعدو الصهيوني ضد الفلسطينيين وقضيتهم العادلة وحقوقهم المشروعة.
ثانيًا: ما يجري ويحدث في هذه المرحلة، يتم في إطار صفقة تاريخية مشبوهة بين العدو الصهيوني من جانب والإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي من جانبٍ آخر، على حساب الشعب الفلسطيني، وفي ظل عجز وشلل واضح للأنظمة والحكومات العربية.
وبناءً على ذلك وإزاء هذا الوضع، فإنه من الضروري:
1- العمل على الارتقاء بوعي الرأي العام بأبعاد القضية الفلسطينية، وأنها قضية محورية مركزية، لا تخص الشعب الفلسطيني وحده، وإنما تخصُّ الأمة العربية والإسلامية كلها، ويصبح من متطلبات المرحلة التأكيد المستمر والدائم أننا أمام استعمارٍ صهيوني استيطاني عنصري؛ يُمثِّل خطرًا وتهديدًا لأمننا القومي والوطني.
2- تطوير ودعم الحوار الوطني الفلسطيني، باعتبار أن وحدةَ حركة التحرر الوطني الفلسطيني، واستمرار المقاومة رأس القضية الفلسطينية ووجدانها وأداتها؛ وذلك يقتضي تجاوز الخلافات والالتفات للقضايا الأساسية.