بينما تمر مصر والمنطقة بمرحلة حرجة جعلت كثيرين من المخلصين يتصورون أو يتمنَّون عودة النظام الحاكم إلى رشده بفتح صفحة للحوار مع القوى السياسية بلا استثناء؛ استيقظت مصر فجر الخميس الماضي على حملة اعتقالات في صفوف الإخوان المسلمين، شملت عددًا من الوجوه المعروفة بدأبها وإصرارها على خدمة الوطن، مهما كلَّفها ذلك من الجهد والعنت.
يحدث ذلك في مصر، بينما الفاسدون يعيشون في منتجعات الريف الأوروبي، وزملاؤهم الآخرون من السماسرة والمحتكرين يمسكون بمقاليد الثروة والسلطة في البلد الذي تراجع على كل المستويات وتفشَّى فيه الفساد، وباع قطاعه العام للأجانب والمحتكرين، وبات بلا دور على الساحتين العربية والعالمية.
لذلك يكون من الطبيعي أن يطارد هذا النظام كلَّ مخلص لهذا البلد، وكلَّ من يعمل من أجل خروجه من النفق المظلم الذي دخله قسرًا على يد نظام لا يبالي بمصالح البلاد والعباد.
إن الاعتقالات الأخيرة في صفوف الإخوان المسلمين تكشف عن انتهاك خطير للدستور والقانون، اعتاده غير المكترثين بهموم الوطن، ويتكرر توجيه الاتهامات الباطلة إلى المعتقلين، على الرغم من أنها مجرد تحريات تقوم بها الأجهزة الأمنية، وليس لها أساس من الصحة، ولا يمكن وضعها إلا في إطار محاولات النظام لتصفية حساباته مع الإخوان الذين يتحركون مع القوى السياسية في قضايا وطنية وقومية، منها مساندة أهل غزة ضد العدوان الصهيوني الغاشم الذي يتواصل، ويمثِّل تهديدًا خطيرًا للأمن القومي المصري.
وبالطبع ليس غريبًا أن يسعى النظام الفاشل إلى محاولة النيل من نواب الإخوان المسلمين في مجلس الشعب الذين قدموا نموذجًا راقيًا فريدًا في الرقابة والتشريع والالتزام بقضايا الأمة بالتعاون مع زملائهم النواب من المستقلين والمعارضة.
إن السؤال المطروح هو: لصالح من تجري هذه الاعتقالات وتلفيق القضايا للشرفاء من رموز المجتمع وأعضاء البرلمان الذين يعملون على نهضة وطنهم؟!
إنها فضيحة للنظام أن يتهم مواطنًا بالعمل خارج الحدود من خلال تنظيم دولي، وكأن الأفكار يمكن حصارها وسجنها مثل الأفراد والأوطان التي كان قدرها أن تقع في قبضة الاستبداد وأكثر الديكتاتوريات سوءًا وفجاجةً، خاصةً أن الإخوان المسلمين في كل قطر من العالم يعملون من أجل عقيدتهم وأمتهم ووطنهم ووفق دساتير بلادهم وقوانينها؛ الأمر الذي يجعل توجيه مثل هذه الاتهامات الباطلة إساءةً إلى العلاقة بين مصر ودول العالم المختلفة التي لا تتبنَّى مواقف ضد الإخوان المسلمين؛ بل تعتبرها ثراءً وإضافةً متميزةً في كل الأحوال.
إخوان أون لاين