- طلاب الدراسات العليا قرروا تأجيل أبحاثهم حتى الإفراج عن أستاذهم
- الأمن فتش كل شيء وفشل في إيجاد أموال وترك مصروفنا بصعوبة
حوار- شيماء جلال:
معروف عنه أدبه الجمّ، وحسن خلقه، وبشاشة وجهه وعينيه، التي بمجرد أن تنظر إليهما تبعث لك ثلاث رسائل متتالية: حب يتبعه أخوَّة ثم قوة، الإسلام سمت حياته، ولِمَ لا وقد تربَّى وترعرع في واحة دعوة الإخوان المسلمين..
إنه الدكتور أسامة نصر الدين محمد مصطفى، أستاذ الميكروبيولوجي بمعهد البحوث بجامعة الإسكندرية، وعضو مكتب الإرشاد لجماعة الإخوان المسلمين الذي تم اعتقاله ضمن مجموعة الـ13.
الدكتور أسامة نصر من مواليد 1956م، بحي بحري بالإسكندرية، تولَّى مسئولية المكتب الإداري للإخوان بالإسكندرية قبل أن يتم اختياره لعضوية مكتب الإرشاد.
(إخوان أون لاين) التقى زوجته الدكتورة حنان مراد الأستاذ بالمعهد العالي للصحة العامة، والتي حدثتنا عن زوجها، مؤكدةً أن جيرانه وتلاميذه وطلابه جميعهم يستنكرون ما حدث له ويعجبون من اقتياده واعتقاله ظلمًا وعدوانًا، في حين أن هناك أناسًا مفسدين ينهبون البلاد، لا يُنظر إليهم ولا يُعتقلون مثل أزواجنا، وأن الجميع يحبهم ويحبونه، حتى إن الجيران جاءوا إلينا عقب اعتقاله، وعرضوا علينا المساعدة بكافة الأشكال، ولكن بفضل من الله كان لدينا ما يكفينا مما تركه الأمن لنا.
وقبل أن نبدأ حديثنا معها عن تلك الليلة المريرة؛ ليلة الاعتقال، وما جرى فيها لـ"د. نصر" وللأسرة من الفزع الذي أحدثته قوات الأمن؛ بادرتنا مؤكدةً أن الأمن حينما جاء لاعتقال زوجها كان لديه هاجس، أن هناك العديد من الأموال مخبَّأة في المنزل أو الشركات أو أي مكان، وكانوا يبحثون عنها كالمجانين حتى إنني أقسمت لهم إنه لا يوجد بالمنزل سوى مصروف البيت، وبذلت مجهودًا كبيرًا في إقناعهم بألا يأخذوه؛ لأنه المبلغ الذي سنصرف منه على البيت عقب غياب الدكتور، وبعد محاولات ومناورات عديدة رضخوا وقَبِلوا أن يتركوا ذلك المبلغ لنا، ولكنهم أخذوا الحاسب الآلي والعديد من الكتب والأوراق والهاتف المحمول الخاص بالدكتور.
الاقتحام
مشهد يعكس الأسلوب الممنهج لأمن الدولة في اقتحامه لمنازل الإخوان
واستطردت حديثها معنا مشيرةً إلى مشهد هجوم قوات الأمن فجرًا على المنزل، قائلةً: إنهم جاءوا في الثانية والربع بعد منتصف الليل، وكنا ذاهبين للنوم، وكان ابني أحمد الصغير لم ينَمْ؛ حيث كان يذاكر لاقتراب امتحاناته في الثانوية العامة، وفوجئنا بطرقاتهم على الباب؛ فأسرعنا لفتح الباب لهم وبسرعة دخلوا يبحثون ويفتشون وتقريبًا لم يفلت شيئًا من تحت أيديهم إلا وتم تفتيشه.
وعن الاعتقالات السابقة روت لنا د. حنان أن زوجها تمَّ اعتقاله أكثر من خمس مرات سابقة لتلك المرة؛ حيث تم اعتقاله خلال عام 1995 عدة مرات، وفي شهر أبريل من عام 2003 تم اعتقاله أيضًا، وكان معه جميع أعضاء المكتب الإداري للإخوان بالإسكندرية، وسبق تلك المرة اعتقاله في انتخابات المحليات في أبريل 2008م.
وعن التهم التي تم توجيهها لـ"د. نصر" تقول زوجته: لم أكن أتوقع أن يتم توجيه تهم مثل تلك التهم لزوجي على الإطلاق، إلا أنه وبالنظر إلى الطريقة التي تم بها التفتيش من جانب قوات الأمن اتضح لي أن هناك قضية أموال يدبِّرونها لزوجي ومن اعتقلوهم معه؛ ولكني أتعجب من تلك التهم، ولعل عدم كشفهم عن أي أموال موجودة معنا أكبر دليل على صدقنا.
الدراسات العليا
وحينما طلبنا من د. حنان أن تحدثنا عما كان ينوي أن يفعله د. نصر صبيحة يوم الاعتقال؛ قالت لنا إنه اعتاد أن يراجع لطلبته المنهج قبل الامتحان، فكان من المفترض أن لديه محاضرتَي مراجعة.
أما طلبة الدراسات العليا فهم الذين حزنوا حزنًا شديدًا، وحينما حدثوني لكي يطمئنوا على أحوال الدكتور؛ أبلغوني أنهم لن يتمكنوا أن يكملوا رسائلهم مع أحد غيره، وأنهم ينتظرونه حتى يخرج من محبسه على خير.
وهنا استشعرنا في نبرات الزوجة القوية حزنًا، فسألناها عن سبب تلك النبرة الحزينة، على الرغم من صلابتها طيلة الحديث، فأخبرتنا بأنها حينما تمكَّنت من زيارته بسجن المحكوم وجدت أوضاعه الصحية على غير ما يرام، خاصةً أنه يعاني من أمراض قلبية وكذلك الوضع سيِّئ بالمكان الموجود فيه.
وعندما تحدثنا معها عن مدى مرارة الظلم الذي يذوقه الإخوان من اعتقالات واتهامات باطلة بحجج واهية؛ قالت د. حنان إن دعوة الإخوان باقية على الرغم من المحن والآلام؛ لأننا لا نهدف إلا إحقاق الحق ونشر الخير للبشرية جميعها وتعريف الناس بأمور دينهم، فضلاً عن أن دعوتنا نابعة من القرآن الذي حثَّنا على الجهاد والتضحية بكل ما نملك في سيبل إقرار شرع الله عز وجل في أرضه.
رسالة
د. حنان اختتمت حديثها بتوجيه رسالتين؛ الأولى: لزوجها بأنها تنتظره هي والأولاد، وأنها تريد منه أن يحافظ على صحته ويَثبُت ويقوَى؛ لأن دربنا هو درب الصالحين.
أما الرسالة الثانية فوجهتها للنظام قائلةً: "نحن ثابتون على عهدنا مع الله، ولم ولن يرهبنا أحد منكم، سواء باعتقالاتكم أو تهمكم الكاذبة؛ وأنه مهما أخذتم منا فإن الله يبدلنا ويعوِّضنا دومًا بخير منها، وعلى الرغم من أن لحظة مداهمتكم لنا وأخذكم لزوجي من بيننا ظلمًا، على نقيض ما تتوقعونه؛ فإن الله يلقي في قلوبنا طمأنينةً وثباتًا وقوةً وإيمانًا لا تعرفونه، لأنكم فقدتم القلوب.