[img]
http://www.ikhwanonline.com/Data/20بقلم: د. جمال نصار
يُقصد بالمواطنة: العضوية الكاملة والمتساوية في المجتمع بما يترتب عليها من حقوق وواجبات، وهو ما يعني أن كافة أبناء الشعب الذين يعيشون فوق تراب الوطن سواسية دون أدنى تمييز قائم على الدين أو الجنس أو اللون أو المستوى الاقتصادي أو الانتماء السياسي والموقف الفكري.
ولا يستطيع باحث أو دارس مُنصف لفكرة "الوطن والوطني " أن ينسى أو يتناسى جهود الإمام حسن البنا في هذا المضمار، فقد اتضح مفهوم الوطن والوطنية لديه من خلال النظرة الموسوعية لهذا المفهوم، واعتبار أن الوطن والوطنية جزء لا يتجزأ لفهم المسلم لإسلامه وتجرده وحبه له، وأن هذا أصل مهم في عقيدة الإسلام وفهم الإخوان المسلمين له.
ولم يفهم الكثير من المسلمين هذا المعنى، حتى إن الأكثرية المطلقة من المسلمين باتت تفهم أن الإسلام هو: الشهادتان، والصلاة، والزكاة، والصوم، والحج فقط، دون المعرفة الشاملة لفهم الإسلام كما أراده الله لنا.
وإذا نظرنا إلى المضمون الغربي، الضيق لكل من "الوطنية" و"القومية".. والذي وجد له دعاة وأحزابًا تخندق بعضها عند "الوطنية الإقليمية".. وتخندق بعضها الآخر عند "القومية العنصرية".. وافتعل آخرون- كرد فعل- التناقضات بين الإسلام وبين الوطنية والقومية.. في مواجهة هذا الغلو، رأينا الأستاذ البنا يبعث- بالتجديد- المنهج الإسلامي الذي يؤلف بين جميع دوائر الانتماء- الوطني.. والقومي.. والإسلامي.. والإنساني- فيسلكها جميعًا في سُلّم واحد.
والمتتبع لجهود الإمام البنا يلمس أنه يحب وطنه، ويحرص على وحدته القومية بهذا الاعتبار، ولا يجد غضاضةً على أي إنسانٍ أن يخلص لبلده، وأن يفنى في سبيل قومه، وأن يتمنى لوطنه كل مجد وكل عز وفخار، كما يحترم قوميته الخاصة باعتبارها الأساس الأول للنهوض المنشود، ولا يرى بأسًا أن يعمل كل إنسانٍ لوطنه، وأن يقدمه في العمل على سواه، ويؤيد الوحدة العربية، باعتبارها الحلقة الثانية في النهوض.
وفي أكثر من موضع يؤكد الإمام البنا على الجامعة الإسلامية، باعتبارها السياج الكامل للوطن الإسلامي العام كما يجعل فكرة وحدة الأمة والعمل لإعادتها في رأس مناهجه.
ويعتقد أن ذلك يحتاج إلى كثيرٍ من التمهيدات التي لا بد منها، وأن الخطوةَ المباشرةَ لإعادةِ وحدة الأمة لا بد أن تسبقها خطوات:
1- العمل على الوحدة الثقافية والفكرية والاقتصادية بين الشعوب الإسلامية كلها.
2- يلي ذلك تكوين الأحلاف والمعاهدات وعقد المجامع والمؤتمرات بين هذه البلاد.
3- يلي ذلك تكوين عصبة الأمم الإسلامية.
4- حتى إذا استوثق ذلك للمسلمين كان عنه الإجماع على "الإمام" الذي هو واسطة العقد، ومجمع الشمل، ومهوى الأفئدة، وظل الله في الأرض.
كما نادى الإمام البنا بالوحدة العالمية؛ لأن هذا هو مرمى الإسلام وهدفه، ومعنى قول الله تبارك وتعالى ﴿ومَا أَرْسَلْنَاكَ إلا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ﴾ (الأنبياء: 107).