أطل علينا مرة أخرى شهر رمضان المبارك .. وشهر رمضان يزهو بفضائل على سائر الشهور فهو شهر الصبر والمصابرة ، والجهاد والمجاهدة ، وهو يرمض الذنوب ويحرقها فلا يبقى لها أثر ، وفيه تكتحل اعين العابدين بالسهر لنيل خيره والفوز بجزيل أيامه ، يتضرعون إلى الله فيه لأن ابواب الرحمة فيه مفتوحة ، والشياطين ومردة الجن مصفدة ، فيه ليلة خير من ألف شهر .. المحروم من حرم خيره ، استقبله ووعده ولم يُغفر له ، والسعيد من صام إيماناً واحتساباً فكانت المغفرة جزاءً له .
قال سلمان الفارسي رضي الله عنه : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم آخر يوم من شعبان ، فقال : (أيها الناس : قد اظلكم شهر عظيم مبارك ، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر .. شهر جعل الله صيامه فريضة ، وقيام ليله تطوعاً .. من تقرب فيه بخصلة من الخير ، كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه .. وهو شهر الصبر ، والصبر ثوابه الجنة .. وشهر المواساة .. وشهر يزداد رزق المؤمن فيه .. من فَطر فيه صائماً ، كان مغفرة لذنوبه ، وعتق رقبته من النار ، وكان له مثل أجره ، من غير أن ينقص من أجره شئ) قالوا : يا رسول الله ! ليس كلنا يجد ما فَطر الصائم ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يعطي الله هذا الثواب ، من فطر صائماً على تمرة ، أو على شربة ماء ، أو مذقة لبن .. وهو شهر أوله رحمة ، وأوسطه مغفرة ، وآخره عتق من النار .. من خفف عن مملوكه فيه غفر الله له ، واعتقه من النار .. فاستكثرو فيه من أربع خصال ، خصلتين ترضون بهما ربكم ، وخصلتين لا غناء لكم عنهما ، فأما الخصلتنان اللتان ترضون بهما ربكم ، شهادة أن لا إله إلا الله ، وتستغفرونه .. واما الخصلتان اللتان لا غناء لكم عنهما : فتسألون الله الجنة ، وتعوذون به من النار .. ومن سقى صائماً ، سقاه الله من حوضي ، شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة )
رواه ابن خزيمة في صحيحه .
وجدير بالمسلم في هذا الشهر الكريم أن يكون له خطة عمل ، ليجني من الخير ما يستطيع أن يجنيه .
أولاً : فضائل شهر رمضان
- يصفد الله فيه الشياطين ومردة الجن .
- تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق أبواب النار
- تستغفر الملائكة للصائمين حتى يفطروا .
- خلوف فم الصائم أطيب عند الله من رائحة المسك .
- فيه ليلة القدر والتي هي خير من ألف شهر .
- يعتق الله من يشاء من عباده كل ليلة من ليالي رمضان .
- يغفر الله للصائمين في آخر ليلة من رمضان .
ثانياً : صيام رمضان
يقول الله عز وجل في حديثه القدسي :( كل عمل ابن آدم له ، إلا الصيام فإنه لي وانا
أجزي به ).
ومما لا شك أن هذا الثواب العظيم الذي خص الله به الصائمين لا يكون للذين امتنعوا عن الشراب والطعام فقط خلال نهار رمضان وإنما كما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم : (من لم يدع قول الزور والعمل به والجهل ، فليس (لله في حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ) .. وقال صلى الله عليه وسلم أيضاً : ( الصوم جنه ، فإذا كان أحدكم يوماً صائماً فلا يرفث ولا يجهل ، فإن أمرؤ شتمه أو قاتله ، فليقل إني صائم ) رواه أحمد .
ثالثاً : القيـــام
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ).
وقال أيضاً :( من قام مع إمامه حتى ينصرف كتب له قيام ليلة). أي انه يجب على من يصلي التراويح ان يكملها حتى ينتهي منها الإمام حتى يكتب مع القائمين ان شاء الله .
رابعاً : الصدقات
كان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أجود الناس ، وكان أجود ما يكون في شهر رمضان ، قال صلى الله عليه وسلم (أفضل الصدقة صدقة في رمضان).
ومن صور الصدقات في رمضان : إفطار الصائم ، فقد قال صلى الله عليه وسلم :( من فطر صائماً كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيئاً).
وبصفة عامة فإن عبادة إطعام الطعام تنشأ عنها عبادات كثيرة ، كالتحبب والتودد من الإخوان الذين اطعمتهم ، فيكون ذلك سبباً إن شاء الله لدخولك الجنة . قال صلى الله عليه وسلم (لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ). صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقال تعالى :( ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراَ · إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا( صدق الله العظيم .(الإنسان :