كتب- خالد عفيفي:
في حلقة جديدة من حلقات التعذيب والانتهاك الصارخ لحقوق الإنسان الذي يمارسه جهاز مباحث أمن الدولة بحق المواطنين؛ تبرز حالة المواطن عبد الله ماهر إبراهيم عوض أحد إخوان حي "الفواخرية" بمدينة العريش محافظة شمال سيناء، والحاصل على ليسانس الدعوة الإسلامية من جامعة الأزهر الشريف منذ عامين.
وتبدأ فصول المأساة من تاريخ 25 مارس 2009م عندما دَهَمت الأجهزة الأمنية منزله واعتقلته بتهمة الانتماء للإخوان، وتقديم مساعدات للشعب الفلسطيني في غزة، واحتُجِزَ على إثرها شهرين كاملين بمقر أمن الدولة بالقاهرة، لاقي خلالها أقسى صنوف التعذيب والإهانة، ولم يعرف أهله شيئًا عنه طوال تلك الفترة.
وفي 25 مايو أصدرت الداخلية أمر اعتقال بحقه وتم ترحيله إلى سجن المرج، الذي شكَّل فصلاً آخر من فصول المعاناة؛ حيث احتجز شهرًا كاملاً في زنزانة انفرادية تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة، على الرغم من حالته الصحية التي ساءت بعد احتجازه بمقر أمن الدولة، إلا أن ذلك لم يشفع لزبانية التعذيب الذين أذاقوه مزيدًا من كؤوسهم المريرة.
ويقول الحاج ماهر والد المعتقل إن نجله أرسل رسالةً مع أهالي أحد معتقلي الإخوان بسجن المرج يُعلِمُ أهله بمكان احتجازه لزيارته، إلا أن إدارة السجن لم تسمح لهم بالزيارة إلا يوم 2 يونيو، مضيفًا أنهم وجدوه في حالة إعياء شديدة أثناء الزيارة، فضلاً عن "عرجٍ" برجله، على الرغم من عدم معاناته من أي مرض قبل اعتقاله.
وأشار إلى أنهم استمروا في زيارته أسبوعيًّا حتى وجدوه في الزيارة الثالثة يعاني من صداع شديد لدرجة البكاء من شدة الألم، وخاصةً مع ضعف المسكِّنات التي يعطيها له طبيب السجن، موضحًا أنهم أثناء زيارتهم في المرة الرابعة يوم 29 يونيو لاحظوا وجود "حوَل" في عينيه وورم شديد بهما؛ الأمر الذي شخَّصه شقيقه الطبيب بأنه شلل في العين؛ نتيجة الضغط على العصب البصري.
وأوصاه شقيقه بأن يطلب من طبيب السجن عمل أشعة مقطعية له على المخ لبيان حالته واتخاذ اللازم لعلاجه، إلا أن الطبيب رفض ذلك، واستمر في إعطائه المحاليل والمسكنات دون نتيجة!.
وظن عبد الله أن معاناته أشرفت على الانتهاء عندما أصدر القضاء قراره في 30 يونيو 2009م بالإفراج عنه، إلا أن وزارة الداخلية كان لها رأي آخر؛ حيث أصدرت قرارًا جديدًا باعتقاله ورحَّلته إلى سجن برج العرب؛ ليبدأ رحلة أخرى من المعاناة.
وتقدم محامي "عوض" من 1 يوليو وحتى 17 يوليو بالعديد من الطلبات لإجراء أشعة مقطعية له، وقبلت إدارة السجن بعد ضغوط شديدة إحالة المعتقل إلى المستشفى الجامعي بالإسكندرية وعمل الأشعة التي أظهرت تجمعًا دمويًّا في المخ يضغط على العصب البصري، ويستلزم إجراء جراحة عاجلة له، وبالفعل أُجريت العملية في 19 يوليو الجاري.
وعندما سُئل عبد الله عن حقيقة الضرب قال إنه تعرض في مقر أمن الدولة بالقاهرة وفي سجن المرج للضرب المبرح، مؤكدًا أن زبانية التعذيب تعمَّدوا استهداف رأسه والضرب عليها بشدة لمرات متكررة.
وحاولت إدارة السجن نقله إلى السجن مرةً أخرى، إلا أن الأطباء المعالجين- تحت وطأة حالته الصحية الخطرة- أصرُّوا على ضرورة بقائه بالمستشفى لاستكمال رحلة العلاج، ويرقد عبد الله ماهر الآن في أحد العنابر التي تعجُّ بالمرضى وسط حراسة أمنية مشددة، كما أنه مقيدٌ في السرير.
وقد تقدم والد المعتقل ببلاغات وطلبات إلى كلٍّ من رئيس الجمهورية ووزير الداخلية والنائب العام ومأمور سجن برج العرب للمطالبة بالإفراج عن نجله؛ نظرًا للظروف الصحية التي يعاني منها، وتبرئة القضاء إياه من التهم التي وجهتها إليه نيابة أمن الدولة العليا مسبقًا.